قال ابن واصل فى تاريخه: أن لما تسلم الأنبرطور القدس الشريف رسم الملك الناصر داود لشمس الدين سبط الشيخ جمال الدين بن الجوزى أنه يصعد المنبر ويعزى الناس على عهد الكامل بسبب تسليمه القدس للفرنج، ليجتمع الناس على معاضدة الناصر داود على عمه الملك الكامل. قال: فصعد وجلس للوعظ، وذكر مناقب صلاح الدين فى تطهيره للقدس الشريف من الفرنج، ولوّح بما صار إليه فى ذلك الوقت وأنشد قصيدة، منها يقول:
على قبة المعراج والصخرة التى ... تفاخر ما فى الأرض من صخرات
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحى مقفر العرصات
قال: فلم ير ذلك اليوم إلا باك وباكية.
وفيها اشتد الحصار على دمشق وألجأت الضرورة أن الناصر داود خرج الى عمه السلطان الملك الكامل، وأعطاه الكرك وعجلون والصلت ونابلس والقدس وقلعة الخليل، صلوات الله عليه، وأخذ منه الشوبك. وتسلم السلطان الكامل دمشق فى شهر ربيع الأول من هذه السنة. ثم سار السلطان إلى مدينة حماه وانتزعها من الناصر قليج أرسلان، وأعطاها لأخيه الملك المظفر تقى الدين محمود، وهو شقيق الناصر قليج أرسلان، وهما أبناء أخت السلطان الملك الكامل، ولدى الملك المنصور محمد بن تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب.
وفيها توجه الملك الناصر داود بن الملك المعظم عيسى بن الملك العادل أبو بكر ابن أيوب إلى الكرك، وأقام الأشرف موسى بدمشق، وملكها له أخوه، فدخل عليه ابن عنين الشاعر وامتدحه. فلم يتفق عنده كما كان عند المعظم. وكان