للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرحيم بدر الدين لؤلؤ أن الوزير خواجا رشيد-وزير هلاوون-بيسعى فى تغيير خاطر هلاوون عليه، فقال بدر الدين: «والله لأقتلنه ولأمعكنّ أذن هلاوون بيدى».

قال أيان: فلما سمعت ذلك وكنت أدل عليه بالكلام، فقلت: «سبوح قدوس». فالتفت إلىّ وقال: «سوف تنظر ذلك بعينك يا أرمنى نجس». قال: وكان عنده رجل يعرف بالصوفى، وكان أوحد أهل زمانه فى المنادمة وأخبار الناس. فقال له بدر الدين:

«تتوجه إلى الأردوا، وتتوصل إلى صحبة خواجا رشيد، فإذا ملكته بحلاوة منادمتك.

أنا أعلم أنه يقبل عليك. وتنفق عنده وهو رجل شره النفس فى المأكل، ويحب الفواكه يجنيها من على شجرها على الندوة. ولا بد أن تسير معه فى بعض البساتين. فخذ هذه الثلاث إبر معك، واجتهد إن تشكّهم فى بعض ما يتناوله منك من الفاكهة. فإذا علمت أنه حصل فى أمعائه من تلك الفاكهة-ولو ثلاث-فقد حصل الغرض، فتوجه إلينا فقد جعلت لك البريد فى سائر الطرقات حتى تصل إلى عندى إن شاء الله سالما».

قال: فكان الأمر كذلك، ووصل الصوفى عائدا بعد أن قضى الشغل فى الخواجا رشيد. ووردت الأخبار بعد ذلك بموته. فقال بدر الدين لؤلؤ لمملوكه أيان: «كيف رأيت؟». فقال: «أمّا قتل الوزير فقد صح لك. فكيف تمعك أذن هلاوون؟».

فقال: «سوف تنظر يا أرمنى نجس». ثم إن بدر الدين تجهز وتوجه إلى خدمة هلاوون، وأخذ صحبته من الزراكش والمصاغات والملابس وما أشبه ذلك للخواتين.

واستصحب معه ماشطتين حذاق بزينة النساء، وتقديمهما إلى خواتين المغل من الأمراء الكبار، ومعهما لكل واحدة من ذلك الزركش والمصاغ والقماش والزينة ما يليق بها. وأصلحوهن المواشط وزينوهن أحسن زينة، ولبسوهن ذلك القماش المذكور، فعادوا كأنهن البدور الطّلع. ونظروا وجوههن فى المرآة فأعجبهن أنفسهن. وخرجن لأزواجهن فقالوا: «ما هذا المليح؟». فقلن: «بدر الدين لؤلؤ». فأعجب أزواجهن ذلك كل الإعجاب، وشكروا بدر الدين عند هلاوون شكرا كثيرا. وكذلك خواتين هلاوون، وولده أبغا، ومنكتمر. قال أيان: فحضر بدر الدين بين يدى هلاوون،