للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان الملك الظاهر هدا فى القلعه. واما القاهره فلما طلع النهار لم يشعر الناس الا بمنادى ينادى: ترحموا على الملك المظفر، وادعوا للسلطان الملك الظاهر سلطانكم.

فلحق الناس خوفا عظيما (٤) من عودة البحريه؛ لما كانوا يعهدونه منهم من الجور والفساد. وكان الملك المظفر قد احدث (٥٥) حوادث كثيره لاجل تحصيل الاموال لاجل العدو وتحريك التتار؛ منها تسقيع (٦) الاملاك وتقويمها وزكاتها، وعن كل انسان دينار. فبلغ دلك فى كل سنه ستمايه الف دينار. فاطلقه لهم السلطان الملك الظاهر، وكتب به مسموحا (٨)، وقرئ فى الجوامع على المنابر. فطابت قلوب الناس، وحمدوا الله عز وجل، وزادوا فى الزينة اكثر مما كانت.

ولمّا اسفرت الليله التى وصل فيها السلطان الملك الظاهر الى القلعه المحروسه، عن يوم الاحد سابع عشر ذى القعده، جلس السلطان الملك الظاهر فى ايوان القلعه بدست المملكه الشريفه بالديار المصريه وما معها. وكتب الى الملك الاشرف صاحب حمص، والى الملك المنصور صاحب حماه، والى المظفر عثمان صاحب صهيون، والى الاسماعيليه، والى المظفر علا الدين بن الملك الرحيم بدر الدين لولو صاحب الموصل، والى الامير علم الدين سنجر الحلبى نايب دمشق، فانه كان قد استنابه بها الملك المظفر رحمه الله.

ولما بلغ الامير علم الدين الحلبى دلك طمعت اماله فى الملك. فجمع من كان عنده من الامرا الذين رتبهم الملك المظفر بالشام مع اعيان الدماشقه، والزمهم بالأيمان له، فاجابوه الى دلك. فلما تم له تلقب بالملك المجاهد. وكتب الى النوّاب بالقلاع،


(٤) خوفا عظيما: خوف عظيم
(٦) تسقيع: كذا بالأصل، فى م فى «تصقيع»
(٨) مسموحا: توقيعا، م ف