للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان (٧٨) عند خروج الامير شمس الدين البرلى الى الديار المصريه بعد كسرته من صندغون، عاد صندغون الى محاصره الموصل. وادخل بعض الاسرا من عسكر البرلى من النقوب الى الموصل؛ ليعرّفوا الملك الصالح اسمعيل بكسره البرلى وانهزامه، ويشيروا عليه بالدخول فى طاعتهم. ثم استمر القتال والحصار الى مستهل شعبان من سنه احدى وستين وستمايه، فسيروا اليه رسولا يطلبوا (٥) منه ولده علا الدين، واوهموا ان قد وصل اليهم كتاب من هلاوون مضمونه: ابن الملك الصالح ما له عندنا دنب، وقد وهبناه دنب ابوه (٧)، فسيّر ابنك الينا نصلح أمرك مع القان.

وكان الملك الصالح قد ضعف حاله عن القتال وعجز، وغلبوا (٨) المماليك على رايه، فاخرج اليهم علا الدين ولده. فلما وصل اليهم اقام عندهم اثنا (٩) عشر يوما، وظنّ الصالح انهم نفدوه الى هلاوون. ثم كاتبوه بعد هده المده يطلبو (١٠) تسليم البلد، وإن امتنع لا يلوم الى (١١) نفسه، «فنحن إن دخلنا بلدك بالسيف قتلناك وقتلنا جميع من فيه». فجمع الصالح اهل البلد وشاورهم مع كبار دولته وساير الامرا والاجناد، فاشاروا كلهم عليه بالخروج اليهم. فقال: «هم لا شك يقتلونى ويقتلوكم (١٣) باجمعكم بعدى».

فصمّموا على خروجه اليهم، فخرج اليهم يوم الجمعه خامس عشر شعبان بعد الصلاه، وقد ودّع اهله والناس ولبس البياض. فلما وصل اليهم احتاطوا به وبمن معه.

ثم امروا شمس الدين الباغشيقى (١٦) بالدخول [الى] البلد، فدخل ومعه الفرمان.

ونادى فى الناس بالامان، وظهر الناس بعد اختفايهم، وشرعوا (١٧) التتار فى خراب الاسوار. فلما اطمانوا (١٨) الناس واباعوا (٧٩) واشتروا، دخلوا التتار الى البلد ووضعوا فيهم


(٥) يطلبو: يطلبون
(٧) ابوه: أبيه
(٨) وغلبوا: وغلب
(٩) اثنا: اثنى
(١٠) يطلبو: يطلبون
(١١) الى: الا
(١٣) يقتلونى ويقتلوكم: يقتلوننى ويقتلونكم
(١٦) الباغشيقى: فى الأصل «الباغسقى» --الى: مضاف من م ف
(١٧) وشرعوا: وشرع
(١٨) اطمانوا: اطمأن--دخلوا: دخل