للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى دلك النهار دخل السلطان دمشق، ثم رسم للامير بدر الدين بيدرا ان ياخد بقيه العساكر ويتوجه الى الديار المصريه، وان يكون بيدرا تحت السناجق [عوض السلطان] (٣). واختلى بالسلطان بنفسه مع خواصه. فخرج بيدرا من دمشق يوم الخميس حادى عشر رجب، وصحبته الصاحب شمس الدين بن السلعوس.

وتوجه السلطان من دمشق الى مصر يوم السبت ثالث عشر رجب، فوصل الى غزه سابع عشر رجب. وكان قبل خروج السلطان من دمشق قد عاد سيف الدين طوغان، واخبر انه تسلم القلاع المدكوره من الارمن، وسلمها للنواب (٧) السلطان.

وضربت البشاير بسبب دلك. ووصل صحبته جمله كبيره من هدايا وتحف. ثم دخل السلطان الى الديار المصريه.

وفيها رسم السلطان للامير عز الدين الافرم ان يتوجه الى قلعه الشوبك ويخربها، فعاوده فى دلك قهره (١١). وكان هدا الملك طالعه يقتضى بالخراب، كما ان طالع مولانا السلطان الاعظم الملك الناصر-عزّ نصره-يقتضى بالعماره.

وهنا نكته لطيفه: اعتبرت ساير من تضمنه هدا التاريخ المبارك من ملوك الدنيا مند اول زمان، فرايت كل ملك كانت همته الخراب، كانت مدته قصيره، وكل ملك كانت همته العماره، كانت مدته طويله. فلدلك يقال: العماره طبع الحياه، والخراب طبع الموت. وان برهنت عن كل من خرب فقصرت مدته، وعن كل من عمر طالت مدته، خرجت عن الغرض المطلوب، وكان كلام يطول شرحه. لكن الفطن اللبيب، ادا طالع جميع هدا التاريخ، ظهر له صحه الدعوى فى دلك.


(٣) أضيف ما بين الحاصرتين من الجزرى ق ٨٤ آ
(٧) للنواب: لنوّاب
(١١) فعاوده فى دلك قهره: فى م ف وز ت «فعاوده فى بقائها فنهره»، بينما فى الجزرى ق ٨٤ ب «فعادوه فى بقايها فانتهره» --بالخراب: فى م ف وز ت «الخراب»