للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، وأنّ معظم جيوشنا كان فى تلك الغارة التى فى تلك الأيّام، فى الليل قيام، وفى النهار صيام، طاوين لمّا لم يجدون ما يشترونه من القوت، فصاموا وطووا (٣) ليلا يأكلوا ما فيه شبهة وحرام

ولا يجب على الملك ابن الملك الذى أصله من عظم القآن جكز خان، أن يقول قولا ويقع عليه الردّ فيه قريب، ولا يظن أنّه ساعة واحدة عن أعيننا يغيب، وليعلم أنّه لو تقلّب فى مضجعه من جانب إلى جانب، أو خرج من منزله راجلا كان أو راكب، لكان عندنا علم ذلك على البريد، ونطّلع من جميع أخباره على ما نحبّ ونريد، ممّن هو إليه (٨) (أقرب من حبل الوريد (٩))، فإنّ أقرب بطانته إليه، هو العين لنا عليه، وإن كبر ذلك لديه، وقد تحقّقنا أنّ الملك أقام عامين يجمع الجموع، ويستنصر بالبيعة والطموع، حتى جمع وحشد، من كلّ أرض وبلد، واعتضد بالنصارى والكرج والأرمن، واستنجد بكلّ من ركب فرسا من فصيح وألكن (١٣)، وطلب من الموشمات خيولا وركاب، وكثّر سوادا وعدّد أطلاب

ثمّ إنّه لمّا علم أنّه ليس له بجيوشنا قبل فى معركة ولا نزال، عاد إلى التلفيق بقول الزور والمحال، والخديعة والاحتيال، وأبطن خلاف ذلك، حتى ظنّ معظم جيوشنا أنّ الأمر كذلك. فلمّا التقينا كان أكثر جيوشنا يمتنع من قتاله، ويفنّد عن نزاله، ويقولوا لا يحلّ قتال المسلمين. ولا يجوز قتل من تظاهر بهذا الدين. فلهذا كان منهم ذلك الفشل، وتأخّروا عن قتالك حتى حصل ما حصل.

وأنت تعلم أنّ الدايرة كانت عليك، وليس من أصحابك إلاّ من شكا


(٣) طووا: طوو
(٨ - ٩) أقرب. . . الوريد: قارن السورة ٥٠ الآية ١٦
(١٣) وألكن: واللكن--سوادا: سواد