للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو رأيت، أيّها الملك، عساكرك-إمّا ذليلا أسيرا، أو جريحا عفيرا {وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً} (٢) يوم تضاعف فيه المقتول والمأسور، وتصاحب فيه الذياب والنسور، وعادوا أصحابك طعاما (٣) للذياب-لعضّيت على يديك وقلت {يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً!} (٤) فبادر، أيّها الملك إلى حمد الله العادل، الذى لم ير عينك هذه المحافل، ومرورها على سمعك أهون من العيان، ونظرك إلى عورات أصحابك يغنيك عن البيان. فإنّه كان يوما مشهودا، وكان الملايكة فيه شهودا، ولقد نصحتك فما ارعويت، وبذلت لك القول فما وعيت، وركبت فرس البغى أحمر (٨) كميت، فمن أجل ذلك عاد كلّ حىّ من جيشك ميت. وقلنا لك: من جرّد سيف البغى فهو به مقتول، فلا تعبأ بالقول ولا تفهم ما تقول، فاستحببت الكفر على الإيمان، فبئس ما سوّل لك الشيطان، فإن شيت أن تقف معنا على الكتاب المبين {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (١٢) فنخرج أنا وأنت عن بغداد والعراق، ونتركها لخليفة رسول الله إلى يوم التلاق، وإن سوّلت لك نفسك بخلاف ذلك، فأنت لا محالة هالك. وعمّا قليل يخلو (١٤) منك العراق والعجم، وتندم حيث لا ينفعك الندم، وقد أوضحنا لك الحقّ فلا تميل، وهديناك إلى أقوم سبيل، وتتقدّم بإرسال رسلنا المرسولة إليك، ولا تعوّقهم يكون وبالا عليك، وكأن قد خيّلت لك نفسك أنّ جيوشك تعبر الديار المصريّة، صدقت، ولكن على غير حالة مرضية، أمّا الخيول فعلى


(٢) السورة ٢٥ الآية ٢٦
(٣) طعاما: طعام
(٤) السورة ٧٨ الآية ٤٠
(٨) أحمر: احمرا
(١٢) السورة ٢ الآية ٦٠ والسورة ٧ الآية ٧٤ والسورة ١١ الآية ٨٥ والسورة ٢٦ الآية ١٨٣ والسورة ٢٩ الآية ٣٦
(١٤) يخلو: يخلوا