للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّره السلطان الملك الظاهر، وهو آخر من أمّر من المماليك الصالحيّة.

حكى عنه أنّه قال: رأيت فى عمرى مرّتين ليلة القدر، فلم أدعوا إلاّ أن يطول الله فى عمرى. -فعاش من العمر ثمانين سنة وأكثر. وترك شيئا كثيرا (٤) من الأموال لورثته. وكان كثير البرّ والخير والصدقة والمعروف، رحمه الله تعالى

وفيها توفّى الصاحب تاج الدين محمد بن فخر الدين محمد بن الصاحب بهاء الدين علىّ بن محمد بن سليم المصرىّ المعروف بابن حنا، يوم السبت خامس جمادى الآخرة ببركة الحبش، وحمل إلى القرافة ودفن بها بجوار الشيخ فخر الفارسىّ قريبا من تربة الإمام الشافعىّ رضى الله عنه. وصلّى عليه الشيخ أخو المرجانىّ أوّلا، ثمّ صلّى عليه الشيخ تقىّ الدين بن التيميّة ثانيا. وكانت له جنازة مشهودة لم يرا مثلها. وأمّا رياسته ومعرفته وحسن تصرّفاته وجوده وكرم طباعه وحسن إسلامه وعقيدته واعتقاده فى الفقرا والصالحين وإيثاره لهم فلا تكاد تعدّ. ومن محاسنه رحمه الله هذا الأثر (١٤) النبوىّ الذى فى رباطه موقوفا بحسب البركة، وهو القصعة والمرود النحاس والمخصف، المثبوت أنّهم من أثر سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، شراهم بستّين ألف درهم، وأوقفهم فى رباطه الذى بجسر الأفرم ظاهر مصر على النيل المبارك. فلو لم يكن من حسن اعتقاده سوى هذه لكان فيها الكفاية له، رحمه الله وساير المسلمين. وكان معلّم الطرفين:

جدّه لأبيه الصاحب بهاء الدين، وجدّه لأمّه الصاحب شرف الدين الفايزىّ.

ولم يبرحوا بيت رياسة وحشمة من أوّلهم إلى آخرهم


(٤) شيئا كثيرا: شئ كثير
(١٤) الأثر: الاثار--القصعة: القطعة القصعة