للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم خرج أيّده الله إلى الصيد المبارك، والسعد قرينه والتوفيق له مشارك.

فصاد كركيّين. فكان فيهما من الإشارة، ممّا يوجد بالقيافة والزجارة، بوجه التصحيف، وقيافة التعريف، وذلك إن صحّف كركيّين، كرك ثبت. كان تقدير الكلام أنّ صاحب الكرك ثبّت، فهو ثابت دون غيره.

وإن صحّف كركيّين كرك نبت، كان تقدير الكلام أنّ صاحب الكرك نبّت، فهو ثابت دون غيره. وإن صحّف كركيّين كرك يثب، فهو وثّاب (٧) على ملكه، وكلّ وثوب صايد لما يثب عليه. وإن صحّف كرك يبن، فتقدير الكلام أنّه سيبن ويشيّد البناء وكان ذلك. وعلى الجملة فجميع هذه الأشاير صحّت معانيها، حتى بلغت الأيّام أمانيها، فلله الحمد، من قبل وبعد (١٠)

وأمّا بيبرس المكسور، فإنّه لم يزل فى نفسه محصور، وفى حركاته مخذول، وقد تباين له مبادئ الخمول. وقويت شوكة الأشرار، حتى علوا (١٣) على الأخيار. وتحرّكت فى ذلك العام الأسعار، وحصل لأرباب المعايش البوار، وانقطعت بوادر التجّار، لمّا تحقّقوا أنّ ما ثمّ راحة، وأنّ بضايعهم قد عادت للطمّاعة مباحة، وأن ليس بمصر سلطان تخشى صولته، وكلّ من البرجيّة <هو> الغالب على دولته. فانقطعت السبل وقلّ السالك، ومن كابر له كابر، استهلك ماله وعاد هالك

ثم إنّ النيل المبارك تأخّر فى هذا العام، عن جريانه العامّ، حتى (١٨) عاد لسان حال الوجود ناطق، بلسان صادق. فأمّا لسان حال النيل، فإنّه كما قيل: وعزّة الرحمن، ومن أجرانى من الجنان، وطهّر (٢٠) بى


(٧) وثاب: وثابا
(١٠) فلله. . . وبعد: قارن السورة ٣٠ الآية ٤
(١٣) علوا: علو
(١٨) حتى: بالهامش
(٢٠) وطهر. . . النفوس: بالهامش