للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النجوس، وأحيا بى النفوس! لولا شيوخ ركّع، وأطفال رضّع، ودوابّ رتّع (٢)، لتوقّفت ولم أطلع. ولو علمت أنّ مصر بلا ناصر، وخالية من نورها الباصر، لما استبشرت منّى بجريان، ولا أصبح فيها قاع ريّان

فأجابه أخوه الغمام، وهو فى غاية الآلام: وحقّ من أحيا بمزنى البلاد، وجعلنى رحمة للعباد، وأراهم (٥) برقى خوفا وطمعا، ورعدى زمجره سايقى سرعا، لولا أنّ هذه الأمّة مرحومة، لما جدت بديمومة. وإن قطّرت قطرات فى هذه الآفاق، فإنّها دموع مشتاق، قد آلمه من المليك الناصر الفراق، وراجيا منه بالتلاق. وكيف لا؟ وهو أخونا فى الجود، حتى عمّ الوجود. ولولا ما وعدنا به مجرينا، أنّه على عوايده الجميلة يجرينا، وبعيده على ما كان من عوايده الحسان، لتعطّش منّا كلّ مكان، وخلت من مصر والشأم السكّان

وقالت القاهرة، وهى كالوالهة الحايرة: وحقّ من أذلّنى بعد عزّى، وأعزّنى بناصرى بعد معزّى، لولا أدين بالرجعة، لما أبقيت من معالمى على بقعة، ولكنت أطبّق أسوارى على سكّانى. ولو عاد لى جوهر ثانى، لما شيّد بنيانى. ولكنّنى أرجو (١٥) عودة ناصرى، لتقرّ به بواطنى وظواهرى

فقالت القلعة، وهى لا ترقى لها دمعة: وتربة الكامل غاية منايى، وأوّل من جدّد معالمى وبنى بى، لولا تحقّقى أن الناصر أجلّ الملوك من سكّانى، وأنّه سيشدّنى ويعلى (١٩) أركانى، حتى يعود ذكرى فى ساير الآفاق، على ألسنة (٢٠) الرفاق، وتحدو بحسن معالمى حداة النياق، فتمدّ


(٢) لولا. . . رتع: إرجع إلى الحديث رقم ٨٨٢ فى «المقاصد الحسنة»
(٥) وأراهم. . . وطمعا: قارن السورة ١٣ الآية ١٢
(١٥) أرجو: ارجوا
(١٩) ويعلى: ويعلو
(٢٠) ألسنة: اللسنه