للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسكه، وتوجّه فى البرّيّة إلى خدمة مولانا السلطان الملك الناصر بالكرك.

وكان هذا الحال عند تحريك الركاب الشريف إلى دمشق أوّل مرة

ودخل العبد إلى القاهرة. واختفيت وعدت أستملى الأخبار من بهاء الدين أرسلان الدوادار. فإنّ كان بينى وبينه أخوّة قديمة من حين كان فى بيت طقجى. وتأكّدت الصحبة والأخوّة فى بيت سلاّر. فكان يخبرنى بكلّ ما يتجدّد، وأنا أطالع به الوالد. ثمّ إنّ بيبرس أشغله الله تعالى عنّا بما هو أهمّ من أمرنا

وكان هذا الكتاب الذى ورد على الوالد رحمه الله من بيبرس على يد بثار بخطّ المولى كمال الدين محمد بن الأثير رحمه الله، وكان بيننا من الصحبة القديمة ما لا تحدّ بوصف، وكأنه اطّلع على ما نواه لنا بيبرس.

فكتب للمملوك كتابا (١١) فيه تشوّق واستيحاش، ومن جملته يقول: والمولى المخدوم الوالد بحمد الله سديد الرأى. -ففكرت فى هذه اللفظة إذ هى ليست من بلاغته المشهورة. وإذا هو قد عنى ولوّح إلى واقعة سديد الملك مع جلال الدولة صاحب حلب، وقد تقدّم شرحها فى هذا التأريخ ممّا يغنى عن إعادتها ولاشتهارها. فلمّا فهمتها علمت أنّها قصده بذكر سديد فأجبته: إن مملوك مولانا المخدوم وعريق بابه الوالد لم (١٦) يكن له رأى فيما اتّهم به. -فلمّا حصل للمملوك الاجتماع بخدمته بعد ذلك رأيته كثير التعجّب من إدراكى لذلك، وكان ما يبرح يذكر ذلك فى الملا والخلا ببديع ألفاظه (١٩) الحسان، ويكسونى وأنا عريان، رحمه الله تعالى وعوّضه عن دنياه بالجنان!


(١١) كتابا: كتاب
(١٦) لم: لن
(١٩) ألفاظه: الفاظه