للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمّ إنّ بيبرس لمّا بلغه تقدّم الركاب الشريف الناصرىّ من الكرك إلى دمشق، وأنّ ساير النوّاب أذعنوا له بالسمع والطاعة، وكان يظنّ أنّ الأمر بخلاف ذلك، وكان معتقدا على اثنين يظنّ أنّهما لا يدخلا تحت الطاعة: الأمير شمس الدين قراسنقر نايب حلب والأمير جمال الدين نايب الشأم. فأمّا قراسنقر فكان فى أوّل الحال قاتلا (٥) ومقتولا عليه إلى حيث زرّق عليه من أسقى ولده ناصر الدين محمدا (٦) رحمه الله، وتحقّق قراسنقر ذلك منه وقتل أستاداره الذى كان أسقى ولده فخر الدين ألطنبا أستاداره (٧). فعاد من ذلك الحين يراييه ويداجيه. وكان ظنّ بيبرس أنّ قراسنقر ما فى نفسه منه شى، وأنّه ما (٩) فهم عنه أنّه الذى سقى ولده. فهذا كان سبب انحراف قراسنقر عنه. وأمّا الأفرم فإنّه ما دخل تحت الطاعة إلاّ عن غلوبية ومن تحت القهر

ثمّ إنّ الناس عادوا يغشّون بيبرس فى الكلام، ولا ينصحونه لبغضهم فيه. ثمّ إنه رأى أن يؤمّر (١٣) جماعة من مماليكه، فأمّر تقدير أربعين نفرا منهم طومان وصفنجى وقرمان وتكا وعلم الدين أستادار وصديق وبيبرس الجمدار واللقمانىّ وجعله جاشنكيرا مع جماعة أخر فى تعدادهم طول بغير فايدة. ولقد بلغنى عن صديق أنّه لمّا فرّق مثالات إمرته على من استخدمه ردّ شخص منهم مثالا (١٧)، فقال له: يا أخا القحبة، ما ترضى تخدمنا دولة المشمش أربعين يوما؟ -فكانوا يتحقّقون أنّ هذه الإمريات لا تتمّ لهم. ثمّ إنّ بيبرس نفق فى الجيش المصرىّ بكماله


(٥) قاتلا ومقتولا: قاتل ومقتول
(٦) محمدا: محمد
(٧) فخر الدين الطنبا أستاداره: بالهامش--الطنبا: كذا فى الأصل، لعل المقصود ألطنبغا
(٩) نفسه منه شى وأنه ما: بالهامش
(١٣) يؤمر: يأمّر
(١٧) مثالا: مثال--أخا: اخو