للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا كان هذا العرض كان قطب الدين بن شيخ السلاميّة جالسا فى العرض، وكذلك أمين الدين بن العنام وكريم الدين الصغير. وبين يدى مولانا السلطان من الأمرا الأمير سيف الدين أرغون النايب بالأبواب الشريفة، والأمير سيف الدين طغاى، والأمير سيف الدين كستاى الناصرىّ، هؤلاء من الأمرا الخاصّكيّة، وأمّا الأمرا أرباب المشور الجلوس فى ذلك الوقت، فالأمير سيف الدين قلى السلحدار والأمير علاء الدين أيدغدى شقير الحسامىّ، وأمير حاجب قايم بين يدى المواقف الشريفة الأمير سيف الدين بكتمر الحسامىّ. فلمّا شرع مولانا السلطان فى العرض المبارك، عادوا الدواوين الذين بين يديه الشريفتين قليلى الخبرة بالجيوش، ولا يعرفون الجندىّ الجيّد من غيره ولا القديم الهجرة بالأبواب الشريفة من المستجدّ. فرأى مولانا السلطان أنّ هذه الوظيفة (١١) لا يقوم بها أحد مثل القاضى فخر الدين، فسيّر للوقت ورضى عنه وأخلع عليه وجلس فى بقيّة هذا العرض، وقال له:

يا فخر الدين، أعرضنا هذا الجيش فوقعنا فى بحر زاخر، ولا علمنا المستحقّ من غيره. -فجلس القاضى فخر الدين، وأعرض بخبرة ومعرفة تامّة.

وعرّف مولانا السلطان الدخيل فى الجنديّة من القرارىّ المستحقّ. وبطل كلام الحاجب وغيره. فلمّا كان آخر العرض قال لمولانا السلطان: يا خوند، أعطى الناس دستورا (١٧)! فما بقى قدّامك شى تعطيهم. -فكان الأمر كذلك، وفاز من فاز بالزيادة، وخسر من خسر بالقطع. فكان كما قال الله تعالى {السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ} (١٩)

هذا وقد راحت الأخبار لقراسنقر بما فعل مولانا السلطان عزّ نصره من التيقّظ لجيوشه، وحسن النظر الشريف فى أحوال عساكره.


(١١) الوظيفة: الوضيفه
(١٧) دستورا: دستور
(١٩) السورة ٥٦ الآيات ١٠ - ١٢