للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خدابنداه وقال: قد جانا مفاتيح القلعة ومعها هذه الهديّة الحسنة-، وهو يضحك، وأرمى الزنّار بين يدى الملك خدابنداه كأنّه رمح أو ناشر، وأراد بهذا الكلام تكذيب قراسنقر بجميع ما قال. وكان قراسنقر حاضرا (٣)، ففهم غرضه فى ذلك. وقال خدابنداه: إذا كان أصغر القلاع ترمى بهذا الزنّار العظيم، كيف يكون حالنا فى القلاع الكبار؟ -والتفت إلى قراسنقر وقال:

أيش تقول، شمس الدين بيك؟ -فقال قراسنقر: يحفظ الله القآن ويطيل فى عمره، ما يموت أحد إلاّ بأجله، ولو كان فى بطن أمّه، هذا كان مكتوبه.

وبعد هذا، القآن ما خرج إلاّ فى نيّة الحرب والقتال، والمحاصرة وقتل الرجال. ومن طلب عظيما (٩) خاطر بعظيم. وإن كان الأمير جوبان يخاف من مثل هذا الزنّار وأنظاره فلا يتعرّض لقتال ويوفّر نفسه، ونحن ننوب عنه فى جميع ما يخشاه. فالمملوك قد شابت لحيته فى القلاع والمحاصرات والأحجار والزنّارات. وإلى الآن ما صابنى شى. ومن خاف سلم، ومن جسر كسر، -قال. فتعجّب الملك خدابنداه من قوّة كلامه، وفهم مراد جوبان بقوله. فقال: يامير شمس الدين، طيّب قلبك ولا تضيّق صدرك، وتربة أبغا، لا بدّ ما أملّكك الشأم جميعه. وخلّى أىّ من تكلّم تكلّم. -قال الناقل: وحصل من ذلك اليوم بين قراسنقر وجوبان المنافسة، ولا عادوا يتكالموا إلاّ مراياة لبعضهم البعض. واستمرّ الحصار على الرحبة طول شهر رمضان

هذا والجفل قد حصل فى جميع بلاد الشأم، من الفراة إلى أبواب الرمل وأخلت حمص وحلب. وعاد فى أبواب دمشق دقّة وزحمة. وعادت أهل القرى والضياع وحواضر دمشق يريدون الدخول إلى البلد، وأهل البلد


(٣) حاضرا: حاضر
(٩) عظيما: عظيم