للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت هذه كلّها آراء (١) سعيدة وأمورا مفيدة حتى عادوا هاربين {فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} (٢)

وكان سبب تأخير الحمام بالبطايق من الرحبة أنّ التتار احتاطوا بها سبع حلقات، فعاد الحمام إذا طيّروه من القلعة رصدوه الملاعين فيرموه بالنشّاب.

فإن سلم من الحلقة الأولة ما يسلم من غيرها. هذا ما حكاه الأمير بدر الدين ابن الأزكشىّ نايب الرحبة للوالد وبقيّة الأمرا الذين توجّهوا لكشف أحوال الرحبة، وكان العبد فى الجملة حسبما أذكر من ذلك بعد هذا الكلام إنشا الله تعالى

ثمّ ورد الخبر أنّ تومانين من التتار قد وصلوا إلى القريتين وهم بها نزول. فلمّا صحّ ذلك جمع ملك الأمرا الأمرا الكبار والقرانيص من الناس.

وضرب مشور فى ذلك. فأجمعوا رأيهم أن يعيّنوا من العساكر الشأميّة بدمشق وغيرها عشرة آلاف فارس نقاوة الجيوش، وأن يخرجوا يكبسوا تلك الطايفة الذين بالقريتين، لعلّ أن يكون كنوبة عرض. واتّفق الحال على ذلك. فعيّنوا من دمشق الأمير سيف الدين بهادر آص والأمير سيف الدين كسكن والأمير شجاع الدين أغرلوا العادلىّ وعدّة من الأمرا الطبلخانات والعشرات، وثلاث ماية فارس من حلقة دمشق ومايتى مملوك من المماليك السلطانيّة الذين بدمشق، وأن يكون جملة العدّة من عسكر دمشق أربعة آلاف فارس. وكتب إلى نايب طرابلس بأن يحضر بنفسه، وكذلك إلى نايب حمص وصاحب حماة. فبينما الأمر كذلك والناس فى أشدّ الأحوال وأعظم الأهوال فكان كما قيل: تضايقى تضايقى تنفرجى {سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} (٢١) وكما قال الشاعر <من الخفيف>:


(١) آراء: آراى--أمورا: امور
(٢) السورة ٦ الآية ٤٥
(٢١) السورة ٦٥ الآية ٧