للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البوقات. وقصد الشأم طالع، فى أيمن سعد وأبرك طالع. هذا ما كان من ركاب مولانا السلطان

وأمّا ملك الأمرا بالشأم، فإنه علم أن الركاب الشريف لا بدّ له من القدوم إلى الشأم المحروس، ولبلاد العدوّ المخذول يدوس، لما يتحقّقه من شجاعة مخدومه، فانتدب لملتقاه وقدومه. وعلم أنّه لا بدّ أن يسأله عن كيفيّة نزول العدوّ المخذول، فيجب أن يكون عنده من ذلك الخبر اليقين، فجرّد من الأمرا والمقدّمين جماعة {مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} (٧) وكان فى الجملة الوالد، سقى الله عهده وبلّ تربه. وأمرهم أن يتوجّهوا إلى الرحبة لكشفها وكيفيّة أحوالها، وكيف كان نزول التتار عليها، ليطالعوا بجميع ذلك المسامع الشريفة السلطانيّة مشافهة بعين الرؤيا (١٠)، لا بأذن السماع، عند حلول الركاب الشريف إلى دمشق المحروسة. وتوجّهت صحبة الوالد من طريق الشفقة عليه. فإن إقطاع المملوك كان بالديار المصريّة ولم يكن علىّ تجريد بالشأم. فقاسيناها منفّرة صعبة، شديدة التعب والخوف والبرد وقلّة المادّة بالبلاد بسبب خلوّها من جفل التتار. واستقبلتنا الروايح المنتنة من قباقب، وذلك لكثرة الجيف فى تلك الأراضى ووسخ التتار وقذارة منازلهم.

فكدت أموت من تلك الروايح. ثمّ وجدنا أوايل حلقتهم السابعة لمّا كانوا نزولا (١٧) بمنزلة قباقب، وداخلها حلقة وحلقة وحلقة إلى سابع حلقة المحتاطة بالرحبة. وذكر الأمير بدر الدين بن الأزكشىّ لنا لمّا وصلناه أنّه كان يبطق الحمام إلى دمشق، فيرموه التتار بالنشّاب ولا يخلص منهم، وذلك لكثرة الحلقات عليها، وذلك لمّا كان انقطع الحمام وظنّوا أهل دمشق أنّ الرحبة أخذت


(٧) السورة ٢٣ الآية ٥٧
(١٠) الرؤيا: الريا
(١٧) نزولا: نزول