للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورتّب لهم الأستاداريّة والدواوين، وازدادت ارتفاعات البلاد شيئا كثيرا (١) جدّا. وأقطع البلاد الخراب للتركمان والأكراد، وألزمهم بإقامة الأبقار واستخراج الأراضى وتنظيفها (٣) من الخرش. فجاءت بعد ذلك طوفان غلال.

وقد تقدّم القول بما فعله فى حقّ الخواتين، وما صنع لهنّ (٤) من المصاغات والزراكش حتى أخذ بعقولهنّ. وعادوا معه فى ساير أحواله. وهؤلاء التتار فأمورهم راجعة إلى نساهم بخلاف المسلمين

قال الناقل: فلمّا عاين جوبان تمكّن قراسنقر من الدولة ومحلّه من قلب القآن وقلوب الخواتين، ولا عاد خدابنداه يقطع أمرا (٨) دون أمره، داخله الحنق والغيظ، وخلا بالملك خدابنداه وقال له: أمنت لهذا العيّار، كما أمن أخوك غازان (١٠) لقبجق وبكتمر السلحدار، وخدعوه وأقاموا عندنا وعملوا علينا. ولولا أنّ الله تعالى نصرنا عليهم وإلاّ كانوا قد قصدوا مسكنا بذقوننا وتسليمنا للمسلمين المصريّين. ثمّ إنّهم رجعوا إلى أصحابهم، ومات أخوك غازان مغبونا (١٣) منهم وفى قلبه لهيب النار. -فقال له الملك: دع هذا الكلام! فإنّ هذا الرجل قد نصحنى وأقام منار ملكى، واستجار بى، وهذا ورفيقه كانا ملوك الشأم وخدموا الملك الناصر صاحب مصر أتمّ خدمة، ولا وفى بهم، وأخبارهم جميعها عندى مفصّلة، والله العظيم، وتربة أبغا وهلاوون، لا خنتهم أبدا ولا تخلّيت (١٧) عنهم حتى أعيدهم ملاّك الشأم من قبلى، فلا ترجع تعاودنى فى شى من أجلهم

قال الناقل: ثمّ إن الملك خدابنداه استحضرهم وطيّب قلوبهم، وقال لقراسنقر: قد أقمتك مقام نفسى ومن خالفك مات، فافعل جميع ما تراه


(١) شيئا كثيرا: شى كثير
(٣) تنظيفها: تنضيفها
(٤) لهن: لهم
(٨) أمرا: أمر
(١٠) غازان: قازان
(١٣) مغبونا: مغبون
(١٧) تخليت: اتخلت