للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحتوف، وانتقصت تلك الصفوف، لمّا طارت منهم الجماجم والكفوف، وولّى عسكر طقطاى طالب الديار، وقد تشتّتت جموعهم فى تلك البرارى والقفار. وتقنطر صاروبغا مقدّم الجيوش، ولولا كان فى أجله تأخير لكان عاد رزقا للوحوش. وقتل عليه نيّف وألف فارس.

وكان الذى قنطره تلك بن صمغار، فلم تزال جيوشه وبهادريّته حوله حتى ركّبوه بعد ما قتل منهم عليه عالم كثير. فلمّا ركب ولّى هاربا (٦) وتبعه أصحابه. وركب جيش الملك خدابنداه أكتافهم قتلا وأسرا. وثمّ قراسنقر خلفهم بمن معه. وغرق أكثرهم فى تلك العيون والأنهار، وتبعوهم إلى آخر ذلك النهار. وكسب جيوش خدابنداه من الخيول والمماليك والجوار، ما لا يقع عليه عيار. وجرّد قراسنقر خلفهم عسرة مقدّمين، وقدّم عليهم الزردكاش، وطقتمر بن بولاى، وكجرك بن عليناق، وأمير حسن بن ششكت، وتلك بن صمغار. وساقوا خلفهم من أوّل الليل إلى أن طلع النهار، وردّوا المال الذى كان خلفهم من بعيد والأغنام والأبقار، وخيل القمز والدشار، والحريم والأولاد الصغار

وكان أكثر عساكر الملك خدابنداه قد كسب الكسب الكثير ودخل بين الأشجار. فردّ عليهم صاروا بغا فى جماعة تقدير عشرة آلاف فارس ليأخذ منهم ويخلّص من أيديهم الحريم والأطفال. فالتقاه الزردكاش فيمن توجّه معه ممّن ذكرنا، واصطدموا صدمة عظيمة أعظم من أوّل ملتقى.

وكان تلك بن صمغار، فارسا (١٩) كرّار، وبطلا مغوار، فعمل عملا عظيما إلى آخر ذلك النهار. وبلغ قراسنقر ذلك، فساق فى ثلاثة آلاف فارس


(٦) هاربا: هارب
(١٩) فارسا: فارس--وبطلا: وبطل--عملا عظيما: عمل عظيم