إليه، وهم الذين ذكرهم الله تعالى في قصّة فرعون، في قوله تعالى:
{وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ، يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ} يريد هؤلاء الرؤساء. وكان الذي يتعبّد منهم الكواكب السبعة المدبّرة بزعمهم، يخدم كلّ كوكب سبع سنين، فإذا بلغ هذه المرتبة وقطع هذه المدّة في خدمة السبع كواكب بجملتها يسمّى حينئذ: قاطيرا، وكان يجلس مع الملك في مرتبته، ويصدر الملك عن رأيه، ويكون (٧٣) له المنزلة العالية التي لا بعدها غاية. ثمّ كلّ من يتبتّل بخدمة كوكب من الكواكب السبعة ويقطع في خدمته تلك المدّة يسمّى: كاهنا، ويعرف بعبد الكوكب الفلانيّ. وكان أكبرهم الذي ينفرد بخدمة الشمس.
وقد كانت العرب في الجاهليّة قديما يسمّون بأسمائهم، فيقولون:
عبد شمس، عبد العزّى، عبد مناف، وأشباه ذلك.
وكانوا يجتمعون في مجلس الملك، فيجلس القاطير إلى جانب الملك وعلى مرتبته، وتقف الكهّان خدّام الكواكب السبعة، كلّ أحد بقدر منزلة كوكبه الذي يعبده، فيقول القاطير للكاهن: أين صاحبك اليوم؟ فيقول: في البرج الفلانيّ، في الدّرجة الفلانيّة، في دقيقة كذا. ويسأل الآخر، حتّى إذا عرف مستقرّ الكواكب السبعة، قال للملك عند ذلك:
ينبغي أن يعمل اليوم كذا، وأن يصنع كذا، وأن يوجّه الجيش إلى الجهة الفلانيّة؛ وينصّ عليه جميع ما يراه إصلاحا لأموره، والكاتب قائم يكتب بجميع ما يقوله له القاطير. ثمّ يلتفت إلى أهل الصناعات، فيقول: انقش أنت صورة كذا على حجر كذا. واغرس أنت كذا. واصنع أنت كذا. حتّى يمرّ على أهل الصناعات، فيخرجون من بين يديه إلى دار الحكمة المرصدة لهم، ويضعون أيديهم في تلك الأعمال، ويستعمل جميع ما قاله لهم القاطر،