السنة، عند نزول الشمس الحمل، فيدخل الناس إليه، ويخاطبهم، ويأمرهم بما يفعلونه، ويحذّرهم بما يكون من أمر أعدائهم، وهم لا يرونه، بل يسمعون خطابه من غير أن يروا شخصه.
ثمّ إنّه ظهر لهم يوم نزول الشمس الحمل، وكانوا يخرجون له وعليهم الحليّ والحلل من الجواهر واليواقيت والذهب السبك، وبأيديهم الجواكين الذّهب، ومعهم سائر أصنام الملاهي والمطربات، ويخرجون إلى ظاهر البلد في الأماكن المستترة، ويتلون أسماء علّمهم <إيّاها>، ويقولون في مخاطبة الشمس، ويقطعون هذه الحشيشة المعروفة بكركاوش، ويبخّرونها بأنواع الطيب ويدعونها في جيوبهم، ويتقدّمون قليلا قليلا وهم في سمت ووقار (٨٩) وهيبة عظيمة، والملاهي تضرب بحشمة ورئاسة، والناس على مراتبهم، وكلّ طبقة على قدر طبقها عند الملك. ويخرج من العامّة من له حاجة عند الملك، فيفعل كفعلهم. فعندما تنزل الشمس بنقطة الحمل، يظهر لهم الملك في عين الشمس، جالس على سرير من الجوهر، فيكلّمهم بما يختارونه، ويعطى كلّ أحد سؤلة. فهذا كان أصل قطع هذا الكركيش، والله أعلم.
ثمّ إنّ هذا الملك غاب عنهم، فلم يعودوا يرونه، واختلفت فيه الأقاويل. ثمّ ظهر لهم وأمرهم: أنهم لا يقطعون هذه السنّة يوم نزول الشمس الحمل، فإنّ سائر حوائجهم تقضا، وعرّفهم أنّه لا عادوا يرونه