فأبطأ عليه، وزادت العلّة به، فأمر بنزع تلك الشجرة حتّى رجعت الغربان من ساعتها، فأخذ منها حاجته، وعولج به قبل وصول قاصده من الشام، فخرج من علّته.
وقيل في وقته: إنّ الرمال كانت كثرت عليهم من ناحية الغرب حتّى طمعت على بعض زروعهم، فعمل لذلك صنما من صوّان أسود على قاعدة منه، في كفّيه كالقفّة فيها مسحاة، ونقش على جبهته وصدره وذراعيه وساقيه <كتابات>، وأقامه الكاهن في بطالع، أخذه ووجهه به إلى الغرب، فانكشفت تلك الرمال، ورجعت إلى ورائها. فتلك الأكداس العالية من جهة الغرب منها. ولم تزل الرمال تندفع عنهم إلى وراء ذلك الصنم <إلى أن زال> من موضعه. وأقام هذا الملك البودشير ثلاثمائة سنة، ثمّ غاب عن الناس حسبما تقدّم من ذكره عند قطع الكركيش، والله أعلم.
عديم بن البودشير. جلس العديم المذكور على سرير ملك أبيه، بإشارة أبوه حسبما تقدّم. وكان عديما ملكا جبّارا لا يطاق، عظيم الخلق. وكان في وقته يزعمهم الملكان اللذان أهبطا من السماء، وكانا في بئر يقال <لها>: أقساوة. وكانا يعلّمان الناس السّحر بمصر.
ويقال: إنّ عديما استكثر من العمل به، ثمّ انتقلا إلى بابل.
وأهل مصر من القبطيّين يقولون: إنّما هما كانا شيطانان، يقال