يعود له خبر، فهلك خلق من الرجال على هذه الصورة. فلمّا أعياه أمرها، تركها ومضى.
ولم يسمع أنّ أحدا غير موسى بن نصير وقع بها، لا من قبله ولا من بعده. وهذا الأمر ذكر وشهر، فلا ينبغي أن ينكر. وكان القوم ذو استطاعة وقدرة على سائر الأعمال العجيبة.
وكان الغالب على مدنهم التي كانوا يبنونها بالغرب من الواحات، قوّة تسليط الرمل. فكان كلّ ملك يقوم، لا بدّ أن يصنع عملا لدفع الرمل عن تلك المدن التي بنيت، وإنّ في هذا الوقت أكثرها تحت آكام من الرمل الغالب عليها، والله أعلم.
وقرأت في مجموع أنّ قوما من فلاّحين الواحات الخارجة، تغلّب عليهم عاملهم، وعنّف بهم، فهربوا ودخلوا في صحراء الغرب، وحملوا معهم زادا، إلى أن تصلح أمورهم ويعودوا. فكانوا على يوم وبعض آخر، فلجؤوا إلى جبل، فوجدوه غير أهل، فدخلوا تحت شعابه.
فوجدوا مساكن طيّبة، وأشجار باسقة، (١٠٦) وأنهر متفجّرة، وأرض لم يروا أطيب منها، ولا أللد نسيم، وبها قوم يسكنونها ويزرعون ويرفعون.
فخاطبوهم، فلم يعرفون بكلامهم، فأتوهم برجال عندهم، ففهموا كلامهم وقالوا: يا قوم، نحن أيضا كنّا مثلكم فلاحون، خارجا عن هذه الأرض،