للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جار علينا العمّال، فدخلنا هذه الأرض، وجميع من بها يزرعون ويرفعون، ولا لهم من يظلمهم بخراج، ولا يعرفون لهم مالك. فإن شئتم تكونوا عنها، فعلى الرحب والسعة. فعزموا تلك الناس أن يعودوا ويأخذوا أهلهم وأولادهم ويرجعوا يسكنون عندهم.

فلمّا عادوا بأهاليهم وأولادهم ومواشيهم، فأقاموا مدّة أيّام يطلبون تلك الأرض، فلم يجدونها وضلّوا عن الطريق، ولا تاتا لهم الوصول إليها، فعادوا إلى بلادهم، وقد ندموا على مفارقة تلك الأرض. ولم يزالوا يهذون بما عاينوا وبما رأوا منها.

وقيل أيضا عن آخرين ضلّوا في الطريق بالغرب من هذه النواحي، فوقفوا على مدينة كثيرة الناس والمواشي والنخل والشجر والأمياه، فأضافوهم وأكلوا عندهم وشربوا، وأباتوهم في معصرة خمر عندهم، فسكروا من خمرهم، وناموا، فلم ينتبهوا إلى طلوع الشمس، فوجدوا أنفسهم في مدينة خراب، ليس بها أحد ولا عامر. فارتاعوا لذلك، وخرجوا على وجوههم كالهاربين. وساروا يومهم على غير سمت طريق، حتّى قرب المساء. فظهرت لهم مدينة عظيمة، أكبر من الأولى وأعمر، وأكثر أهلا ودوابا ونخلا وشجرا. وأنسوا بهم وأخبروهم بخبر المدينة الأولى، فجعلوا يعجبون منهم ويضّاحكون، وإذا لبعض أهل تلك المدينة، وليمة، فانطلقوا بهم معهم إليها، وأكلوا من أفخر طعام تلك الوليمة،