بالبعث والنشور والحساب، (١١٠) والقصاص والممات، كتب صحيفة بخطّ يده، وأمر أن تكون في ناؤوسه، فيها مكتوب: ها ناؤوس ماليك، ملك مصر؛ مات مؤمنا بالله خالق السموات والأرض، لا يعبد غيره، بريئا من الأصنام وعبادتها، موقنا بالبعث والحساب والمجازاة على الأعمال، عاش أربع مائة سنة وثلاثين سنة ومات على ذلك؛ فمن أحبّ النجاة فليدن بما دان به.
وأوصى أن لا يدفن معه في ناؤوسه أحدا من أهل بيته. وقد كان كنز كنوزا عظيمة، وزبر عليها ألاّ يخرجها إلاّ أمّة النبيّ المبعوث في آخر الزمان. فمن وقع منها بشيء فإنّه سيكون له منها نصيبا، حسبما زبره هذا الملك.
ثمّ إنّه استخلف ابنه جريبا. وكان جريبا هذا ليّنا سهل الخلق. ولم يمت أبوه حتّى شرح له دين التوحيد بالله، عزّ وجلّ، وأمره أن يدين به، ونهاه عن عبادة الأصنام. وكان معه في حياته على ذلك، ثمّ رجع عنه إلى دينهم بعد وفاته.
وكان سبب رجوعه إلى ذلك أنّه هوي بنت أحد الكهّان، وهو كان الرمم، فنقلته إلى دينها لغلبة الهوى عليه ودرك الشقاوة. وأمرت بتجديد الهياكل، وشدّدت في عبادة الأصنام.