حكمتك، وتبني لي مدينة عجيبة-وكان افتخارهم حينئذ بالبناء العظيم وإقامة الأعلام وعمل العجائب-وقالت: انتقل من موضع أنت به إلى غربيّ بلدي، فثمّ <لنا> آثار كثيرة، فاقتف بتلك الأعمال الغريبة. ففعل ذلك، وبنا مدينة بصحراء الغرب يقال لها: اندوبة حمرون، وجرا إليها من النيل نهرا عجيبا وغرس حولها غروسا كثيرة. وكانت تمدّه بالأموال وتكاتب صاحبه عنه وهو لا يعلم. فلمّا فرغ منها، قالت: ابن لنا مدينة أخرى كانت لأوائلنا وقد خربت. فامض على إصلاحها، حتّى أنتقل إليها سريعا، وأبعد عن أهل مملكتي وأكون أنا وأنت بها. وكانت هذه المدينة الإسكندرية وكانت قد خربت.
قلت: وقد رأيت أنّ أهل التاريخ لا يذكرون شيئا من أمر انداحس ولا هذا حمرون. ويقولون: إنّ الذي قصدها كان الوليد بن دومغ العمليقيّ، وهو ثاني الفراعنة بمصر، وإن كان سبب قصده مصر لعلّة اعتلّها. فوجّه من ينظر له مكانا يصلح لعلّته، فوصفت له مصر، فأتاها في جيش كثيف، وهو الذي خطب حوريا لنفسه وإنّها اشترطت عليه بني