وسمّتهم فيه، فماتوا عن آخرهم، وكذلك فعلت بالثّلث الثاني. ثمّ قدمت إليه وحضرت عنده، فلمّا جلس معها نفخت في وجهه فبهت، ورشّت عليه ماء كان معها، مشحونا بالسحر، فارتعدت مفاصله، ثمّ قالت: من ظنّ أنّه يغلب النساء، فقد كذبته نفسه. ثمّ أفصدت عروقه وأسالت دمه، وقالت:
دم الملوك شفاء. ثمّ هلك، فأخذت رأسه فوجّهت به إلى قصرها، فنصبته على شرافته، ونقلت سائر تلك الأموال والجواهر (١١٩) وبنت منار الإسكندريّة، وزبرت عليه اسمها واسمه وما فعلته معه، وتاريخ ذلك.
وصنعت في المنار مرآة تنتظر سائر الجزائر البحريّة عند حركة أهلها، فتكون على حذر من الأعداء.
قلت: وهذه المنار كانت بها هذه المرآة إلى قريب من هذا العهد، وربّما ذكر أنّ بعض الإفرنج تحيّل حتّى كسرها، ورمى بنفسه من أعلا المنار إلى البحر فهلك. وهذا مشهور لا ينكر.
ولمّا انتقل خبرها إلى الملوك هابوها واحترموها وهادوها. وعملت بمصر عجائب كثيرة، وبنت على آخر ناحية النوبة حصن وقنطرة يجري ماء النيل من تحتها.
ثمّ اعتلّت حوريا، فاجتمع إليها أهل مملكتها، وسألوها أن تقلّد