بالقادوس من الآبار المعينة، وأغنى عن ذلك. وجعل في ذلك السدّ خرقا ليصرف منه ما زاد عن منفعة البلاد، خوفا من الغرق.
قلت: وقد صوّرت صورة النيل حسبما رأيتها في ذلك التاريخ مصوّرة: (١٢٣) <رسم لصورة جبل القمر وصفة التماثيل التي تصبّ إلى البطيحة والمسار إلى أن يصل إلى فم رشيد وفم دمياط ومن ثمّ إلى البحر، انظر هنا ص ١٧٩>.
(١٢٤) قال جدع بن سنان: قال القبطيّون من أهل مصر. ولمّا بنا الإسكندر هذا السدّ بفم دمياط، قصد به ثلاث منافع، أحدها: منع المالح أن يغلب على الحلو، لانتفاع الناس بالحلو دون المالح. والثاني: ما ظهر من الانتفاع بالنيل لركوبه سائر الأراضي التي كانت تروى من الآبار المعينة، كما ذكرنا. قال: وكان جلّ قصده منع مراكب العدوّ من دخولها النيل. فعاد هذا السدّ كالقفل للديار المصريّة من تطرّق الأعداء.
قال: ثمّ جدّد للماء مقياسا عند حلوان، كما نذكر من خبره، وكيف هدمه الماء على طول مرور الدهر عليه. وهذا المقياس الآن <هو> عاشر مقياس بني للنيل المبارك، وسنذكر ذلك في موضعه اللائق به، إن شاء الله تعالى. ولهذا المقياس عمد في وسط فسقيّة، مقسوم بأصابع مقدّرة على أذرع إلى حدّ اثني عشر ذراع، مقسوما بثمانية وعشرين إصبعا. ومن حدّ الاثني عشر ذراعا إلى حيث تنتهي الزيادة، مقسوما بأربعة وعشرين إصبعا؛ والذراعان متساويان.
فما الحكمة من ذلك؟ ولقد سألت جماعة من مشايخ العصر عن ذلك، فلم أجد عنده شيء من صحّته. ولذلك سألت ابن أبي الردّاد، الذي هو وأباه وأجداده متوارثون قياس هذا النيل من تاريخ ما يأتي ذكره عند