وكان ذلك بطالع زحل واستقامته وسلامته من المضادّين له وهو في شرفه.
ثمّ شقّوا ذلك الأخدود من أربعة أوجه: شرق وغرب وجنوب وشمال.
ومدّوا تلك الأخاديد إلى حيطان المدينة، وعملوا على أفواهها مسارب تجلب الرياح إليها. ثمّ سدّوها وعملوا عليها قبّة على عمد مرتفعة، وجعلوا حول القبّة تماثيل فرسان من نحاس، بأيديهم حراب ووجوهم مقابلة لتلك الأبواب.
وجعلوا أساس المدينة من حجر أسود وفوقه أحمر وفوقه أصفر وفوقه أخضر وأعلا الجميع أبيض، مبنيّة كلّها بالرصاص المصبوب بين الحجارة، وقلوبها أعمدة من حديد، على ترتيب بناء الأهرام، وجعل طول حصنها ثمانين ذراعا. ونصّب على كلّ باب من أبوابها في أعلا الحصن تمثال عقاب كبير من صفر وأخلاط، مجوّف ناشر الجناحين. وعمل كلّ ركن صورة فارس بيده حربة، متوجّه إلى الباب. وقرّب لذلك العقاب عقبانا ذكورا ولطّخه بدمائهم واجتلب الرياح إلى أبواب التماثيل. فكانت الرياح إذا دخلتها سمعت لها أصواتا شديدة، ولا يسمعها أحد إلاّ هالته.
وصفحدها بعفارت تمنع الداخل إليها إلاّ أن يكون من أهلها. ونصب ذلك العقاب الذي كان يتعبّد له تحت قبّته التي صنعها له في وسط المدينة على قاعدة لها أربعة أركان، (١٢٨) في كلّ ركن منها وجه شيطان. وجعلها على عمود تدور. وكان العقاب يدور إلى كلّ جهة من الأربع الجهات ويقيم في كلّ جهة ربع السنة.
وصنع له أربعة أعياد، عدد دوراته في السنة. ولمّا فرغ من ذلك كلّه حمل إليها سائر أمواله وذخائره وما كان في خزائن الملوك من الذخائر