وبدء موسى، عليه السلام، وأنّه ابن عمرون، حارس قصر الملك، ما يغني عن إعادته ها هنا.
فلمّا كان من أمر موسى ما كان، وتربّى في قصر، وكبر وشبّ، وردّ إليه فرعون كثيرا من أمره، وجعله من قوّاده، وكانت له سطوة. ثمّ وجّهه لغزو الكنعانيّين، وقد كانوا عاثوا في أطراف مصر. فخرج في جيش كثيف، ورزقه الله تعالى (١٥٧) الظّفر بهم، وأسر خلقا منهم، ورجع سالما مؤيّدا. فسرّ به فرعون وامرأته. ثمّ إنّه تسلّط على القبط حتّى وشوا به إلى فرعون، وغيّروه عليه. وكان من الذي وشا به إلى فرعون رجلا من القبط من أهل بيت الملك، فوقع عليه موسى حتّى قتله. وكان يقرب من فرعون، وكان يسمّى إدريس. فلمّا قتله اختفى في المدينة خوفا من فرعون لأن يقتله به. وإنّ فرعون طلبه أشدّ طلب، فلم يقدر عليه.
ثمّ إنّ موسى خرج ذات يوم مختفيا، فلقي بعض أعوان ذلك الذي قتله. فاستغاث على موسى، فأراد موسى قتله، فاستغاث عليه. فخرج موسى خابقا، وخرّج خلفه الخيل ليلحقوا به، فكان بين أيديهم وهم لا ينظرونه. ولم يزل موسى حتّى لحق بمدين، وتزوّج ابنة فيروز، وهو شعيب، عليه السلام. وأقام عنده يرعا له غنمه تسع وعشرون سنة.
ثمّ أخذ أهله وعاد إلى مصر، فكلّمه تعالى، وأرسله إلى فرعون، وبعث معه أخيه هاران. فترك امرأته، وقد ولدت، بحالها، ومضى لأمر ربّه. فأرسل الله إليها ملكا بما يصلحها من آلة الولادة، وختن ابنها، وكانت