فيه، فأتت نار فأحرقتهم. ورأى فرعون أنّه أخذ برجليه ونكّص به على رأسه في حفيرة نار، وكان يستغيث ويقول: أنا مؤمن بموسى، فخلّوا عنه.
فقصّ على هامان وعرّفه ذلك، وقال: لم يبق بعد هذا شيء، أريد أن أومن بموسى. فقال له: هو الذي عمل لك الرؤيا ليهوّل عليك، فتريد أن تكون عبدا بعد إذ أنت ربّا، وتستخفّ بك الرعيّة، ويعود الحكم لموسى من دونك؟ قال: فتلطّف به ووعده أنّه يؤمن به. وكان يبعث إليه <سرّا> ويستنظره، فكلّما مرّ الأجل ولم يفعل، عظم البلاء عليهم.
فكان الناس قد خافوا موسى وهابوه، وكانوا يؤمنون به سرّا، فمن آمن به زال عنه الأذاء. فلمّا زاد الأمر على فرعون، أحضر موسى وقال له:
إن أجبتك، فما لي عندك؟ قال: أردّ شبابك وأضعّف عمرك وأومنك من جميع العلل والأعراض ومن زوال ملكك، وأعلي يدك على كلّ من ناوأك من الملوك، وأكثر نشاطك وأكلك وشربك. قال: إن فعلت فقد أنصفت، فأنظرني إلى الغد.
ثمّ شاور هامان فمنعه من ذلك. فقال له موسى: أطلق لي بني إسرائيل. فقال: إنّما تريد إخراجهم من بلدي لتكون عليهم ملكا، وأنا أنتفع بهم (١٦١ أ) وبخدمتهم، وإنّما هذا حسد منك لي. قال: فانتقل من ادّعائك الربوبيّة. قال: إذا، أنقص من أعين الناس. قال: فإنّ إلهي سيهلكك أنت وقومك وتصير أرواحكم إلى النار. قال: فإنّي أستعمل ذلك سرّا ولا أستعمله علانيّة، وأقرّب لإلهك قربانا عظيما. قال: لا يقبله منك