للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال القضاعيّ: بلغ الظّلمات وسار فيها ثمانية عشر يوما يطلب عين الخلد، ثمّ قفل راجعا نحو العراق، فمات بشهرزور قبل وصوله إلى بابل، وكان قد جعلها تلّ تراب. ولمّا مات حمل في تابوت من ذهب إلى أمّه بالإسكندريّة. وكان عمره ستّا وثلاثين سنة ومدّة ملكه أربع عشرة سنة.

ولمّا وصل إلى مقصده وحصل على غرضه من قتل الأشراف وذوي الأقدار من الملوك، كتب إلى أرسطوطاليس يقول: إنّي قد قدرت على جميع من في الشرق بقتلي ملوكهم وتخريبي معاقلهم، وقد خشيت أن يظافروا بعدي على قصد بلاد المغرب، فهممت أن ألحق بأولاد الملوك والرؤساء بمن قتلت من آبائهم، حتّى لا يبقى طالب لهم، فما الرأي؟

فكتب إليه يقول: إن أنت قتلت أبناء الملوك أفضى الملك إلى السّفّل والسّقّاط؛ وهؤلاء إن ملكوا قدروا، وإذا قدروا جاروا وطغوا وظلموا، أفكان الذي يخشى من مغزاهم أفضع؟ ولكن الرأي أن تجمع أبناء الملوك، فتملّك كلّ واحد منهم إقليما محدّدا وكورة واحدة، فإنّهم ليتنافسوا فيما بينهم ولا تجتمع لهم كلمة، وتتولد بينهم العداوة على ما بأيديهم من الأعمال، ويمنعهم ذلك من التفرّغ والقصد عن ما بعد عنهم. قال: فكان هذا سبب قسمة الإسكندر ممالك الشرق على ملوك الطوائف.