حقّه وطاعته، ونحن نشحّ على نفسك إذ يسمح بها ملكك، ونحفظ منها ما أضاعه، ولنا أرب في حبسك مكرّما مدّة، ثمّ نطلقك ونحسن إليك، فادللنا على أخيك ليكون معك. فدلّه عليه. فأرسل من أتا به، فسجنهما معا في قصره، وأمرهما أن لا يتفوّها بشيء من أمرهما، وإن نطقا به فقد أحلاّ دمهما وبرئت ذمّته منهما.
وكان قد رفع إليه بعض عيونه أنّ رجلا من أهل الخراج، له بنت لم يسمع بامرأة تشبهها في حسن الخلق وعظيم الخصائص: طولها ستّة أذرع، وشعرها ينسحب على مواطئ قدمها، وكأنّما كسى جلدها قشور الدّرّ، متناسبة الخلق، بديعة التركيب، دقيقة التّخليط، لا يستطيع من نظر إلى عضو من أعضائها أن يصرف نظره عنه، إلاّ بمجاهدة النفس؛ إذا قابلت عيناها عيني ذي لبّ اضطرب قلبه اضطرابا شديدا، فلا يسكن حتّى يضمّها إلى صدره ويرشف من ريقها، أو تحتجب عنه؛ إذا وجد المحزون ريحها ذهل عن حزنه. فشرهت نفس بهرام إليها.