ثمّ إنّه أقنع نفسه بالأنفة، وتنزّه أن تكون عنده ابنة رجل من رعيّته قد عرفها الناس. فصرف نفسه عنها، ونهى أن تذكر له، ومنع أبيها من إنكاحها، وأمره بحفظها حتّى إذا حدث على بهرام من خاقان ما ذكرنا.
فأرسل إلى ذلك العامل، فأمره أن يضيّق على والد تلك الجارية في المطالبة بالخراج ويحمله منه ما لا يطيق، ويضطرّه إلى بيع ابنته-وهذا شيء تفعله أهل الخراج من عامّة الفرس، يبيعون أولادهم ويؤدّوا ما عليهم من الخراج، وصارت لهم بذلك سنّة وعادة.
قال ابن ظفر: ولقد حدّثني من أثق به أنّه رأى رجلا هنديّا ينهى؟؟؟ <دوابّه> راجلا يحمل ابنه على كتفه إلى السوق، فباعه من رجل يبيع الأرزّ. فأنزل الصبيّ عن كتفه، فسلّمه إلى ذلك الرجل وشرا بثمنه أرزّا واحتمله على دوابّ وذهب ليؤتي خراجه. ولم يبال الأب (٢٠٣) بفراق الابن، ولا الابن بفراق الأب، وكأنّما كان على أبيه صخرة على كتفه، فألقاها وذهب.