بتحفة لم يظفر بمثلها أحد قطّ. فكانت نفسي تغلبني وتدعوني إلى الاستئثار بها. فلمّا غلبت أهوائي وانقادت نفسي إلى إيثارك، قصدت أطالع علم الوزير بذلك. فسأله الوزير عن ذلك. فوصف له الجارية. فما تمالك أن سمع وصفها إلى أن أمر بتعجيل إحضارها. فأحضره إيّاها. فلمّا وقع بصره عليها، لم يملك نفسه أن وثب إليها فعانقها وقبّلها ورشفها.
ثمّ أقبل على سيّدها، فقال له: احتكم. فقال له: حكمي مودّتك والحظوة عندك. فقال الوزير: هذا مبذول لك، ذلك مع هذا من المال ما شئت. قال: لا حاجة لي في المال. وانطلق من فوره فلقي بعض خدم خاقان-وقد كان تقرّب إليه أيضا قبل ذلك بنفائس الهدايا-فذكر له أنّ عنده (٢٠٤) نصيحة يخاف فوات الفرصة فيها. فاستأذن له على خاقان.
فلمّا مثل بين يديه، سأله عن نصيحته، فقال: إنّي قصدت الملك بتحفة لا تصلح إلاّ له. فعرضتها على الوزير ليوصلها إلى الملك، فتعدّى واستأثر بها، وبذل لي مالا عظيما على كتمان ذلك، فلم أقبله. فسأله عن التّحفة ما هي، فأخبره بأمر الجارية، ووصفها له.
فأرسل خاقان رجالا من ثقاته وأمرهم بالهجوم على الوزير، وحفظ الحال الذي يشاهدونه والإتّيان به وبالجارية محجوبة. فعادوا إلى خاقان