وأمّا أبرهة بن الصّبّاح، فكان عالما جوادا. وكان يكرم المعدّيّين لعلمه أنّ الملك يصير إلى معدّ ويستقرّ في قريش. وقيل: إنّه كان في زمن شابور ذي الأكتاف.
وكان الملك بعده إلى الصّبّاح بن أبرهة بن الصّبّاح، في زمن يزدجرد بن بهرام جور، وإنّهما ملكا في عصر واحد خمس عشر سنة.
وأمّا ذو شناتر، فلم يكن من أهل بيت الملك، وكان فظّا، غليظ القلب، قتّالا، لا يسمع <أنّه> قد نشأ من أولاد الأقيال ولدا جميلا إلاّ احضره ونكحه. وكانت السّنّة فيهم أنّه: لا يملك من نكح. فكان قصده أن لا يتطاول إلى الملك أحدا من غير أهل بيته. وقيل: إنّه وجّه إلى غلام منهم يقال له: ذو نواس، لذؤابتين كانا ينوسان على كتفه. فدخل عليه، وفي ما بين ثيابه سكّين مخبّأة. فلمّا دنا منه للفاحشة، شقّ بطنه واحتزّ رأسه، فكان سببا لأن ملّكوه عليهم، حيث أراح الناس من شرّه.
ثمّ (٢٣٨) ملك بعدهم أربعة نفر من الحبشة، ثمّ ثمانية نفر من الفرس، ثمّ انتقل الحكم إلى قريش. وليس يكاد يكون أسقم ولا أنحل من تاريخ ملوك حمير.
قال حمزة: وكانت مدّة ملك الحبشة اثنتين وسبعين سنة. ملك أرباط من ذلك عشرين سنة، وملك أبرهة، ويقال له: الأشرم، ثلاثا وعشرين سنة، وهو سائق الفيل الذي صار كيده في تضليل، وقصد هدم الكعبة