فأنكرها. فقال: ما هذه الناقة؟ قالوا: لخالة جسّاس. قال: وبلغ من أمر جسّاس ابن السّعديّة من أن يجير عليّ بعيرا بغير إذني؟ ارم ضرعها يا غلام. فرمى ضرعها، فاختلط دمها بلبنها.
ثمّ إنّ بكر بن وائل مرّوا على نهي يقال له: شبيث، فنفاهم كليب عنه، عنه، وقال: لا يذوقون منه قطرة. ثمّ مروّوا على نهي آخر يقال له:
الأحصّ، فنفاهم عنه أيضا. ثمّ مرّوا على بطن الجريب فمنعهم إيّاه.
فمضوا حتّى نزلوا في طارفة وهم يتهافتون عطشا. فمرّ عليهم جسّاس، فخاطبوه في ذلك. فمرّ على كليب وهو واقف على غدير الذّنائب، فقال:
طردت أهلنا عن الماء حتّى عادوا يتهافتون عطشا. فقال كليب: ما منعناهم من ماء إلاّ ونحن له شاغلون. فقال جسّاس: هذا كفعلك بناقة الخالة.
فقال: وقد ذكرتها؟ أما إنّي لو وجدتها في غير بعير إبل مرّة، لاستحللتها- يعني الإبل كلّها. قال: فعطف عليه جسّاس فرسه وصوّب إليه عوده، ولم يكن مع كليب سلاح يمانع به، ولا ظنّه يجسر عليه. فطعنه بالرمح فأنفذ حضنيه. فلمّا تداءمه الموت (٢٤٣)، قال: يا جسّاس، اسقني من الماء.
قال: ما عقلت استسقاءك الماء منذ ولدتك أمّك، إلاّ ساعتك هذه. وقال أبو برزة: فعطف عليه المزدلف عمرو بن أبي ربيعة، فاحتز رأسه.