وكلّم في ذلك الحارث بن عباد، فقال: لا ناقة لي في هذا ولا جمل. (٢٤٥) وهو أوجل من قالها، فأرسلها مثلا.
واتّفقت الرّواة جميعا أن كانت حروبهم أربعين سنة، كما جرى على لسان جسّاس عند قوله لأبيه. منها خمس وقعات مزاحفات متعدّدة. وكان تكون بينهم مغاورات، وكان الرجل يلقى الرجل والرجلين ونحو ذلك.
وكان أوّل تلك الأيّام يوم عنيزة، وهو عند فلجة، فتكافؤوا فيه: لا لبكر ولا لتغلب، وتصديق ذلك قول مهلهل (من الوافر):
كأنّا غدوة وبني أبينا ... بجنب عنيزة رحيا مدير
فلولا الرّيح أسمع أهل حجر ... صليل البيض تقرع بالذّكور
ثمّ تفرّقوا، فغبروا زمانا، ثمّ التقوا يوم واردات، فكانت لتغلب على بكر، فقتلوا بكرا أشدّ القتل، وقتلوا بجيرا بن عباد. فذلك قول مهلهل (من الوافر):