من وجوه. ثمّ إنّه قصّ وذكر لهم ما كانوا فيه من البلاء، وما صاروا فيه من العافية بعد تلك الحرب المتواترة والدماء المهروقة. (٢٥١) ثمّ قال:
وهذا ابن أختي قد جاء ليدخل فيما دخلتم فيه، ويعقد مثلما عقدتم.
قال: فلمّا أقر بالدم وقاموا إلى العقد، أخذ الهجرس بوسط رمحه، ثمّ قال: وفرسي وأذنيه، ورمحي وسنّيه وسيفي وغراريه، لا يترك الرجل قاتل أبيه وهو ينظر إليه. ثمّ طعن جسّاسا فأنفذ منه سنانه إلى أوّل كعب فيه، وتركه ولحق بقومه. وكان آخر قتيل قتل في بكر، والله أعلم.
قال ابن القطاميّ، قال: لمّا قتل جسّاس كليبا، وكانت مجلّلة- وقيل: جليلة-بنت مرّة، أخت جسّاس، تحت كليب، اجتمع نساء الحيّ للمأتم، فقلن لأخت كليب، وهي السّماوة: رحّلي جليلة بنت مرّة، أخت قاتل أخيك، عن مأتمنا، فإنّ قيامها فيه شماتة وعار علينا عند العرب.
فقالت لها أخت كليب، وهي السّماوة: يا جليلة، اخرجي عن مأتمنا، فأنت أخت واترنا، وشقيقة قاتلنا، ووقوفك معنا شماتة بنا، وعار علينا.
ولو كانت النساء يؤخذن بالرّجال لما تركتك تجري ردتك. فخرجت جليلة وهي تجرّ أعطافها، فلقيها أبوها مرّة بن ذهل، فقال: ما وراءك يا جليلة؟ فقالت: ثكل العدد، وخزن الأبد، وفقد خليل، وقتل أخ عمّا قليل، وبين