وألحق بنا أهلنا ما دام قد بقيت هذه الأيّام اليسيرة من هذا الشهر. قال خالد: والله ما فارقنا إلاّ وقد توجّه إلى أهله يجمع علينا بني عامر وغنيّ وكلاب. فقال الملك زهير: أوقد ذلّيت يا قيس من أنذال العرب؟ وحقّ من قد أتينا من بيته، لا برحت من هذه المنزلة أو تمضي الأيّام الحرام وأبصر ما في قدرة الأسّ: خالد بن جعفر. قال: فعلم أنّ أجله قد اقترب، فتركه ولم يعاوده.
وكان لمّا قال هذا القول، دخل قيس على أمّه تماضر وعرّفها أنّ أبوه مقتول لا محالة. وكان زهير شديد السّطوة والحرمة، لا يعاود في كلام.
وكان لتماضر أخ، وهو خال أولاد الملك زهير، وكان الملك زهير قد نفاه عن حيّ عبس في حديث طويل، وكان نازل في بني عامر. وإنّ خالد، لمّا رجع إلى دياره استصرخ بقومه، فأجابوه في ثلاثة آلاف فارس.
ففرّق كلّ ألف على محجّة من الطرق، خوفا لا يفوته الملك زهير. وجعل على الألف الواحدة ملاعب الأسنّة، وعلى الآخرة الأخوص، أخوه، وبقي هو في ألف. ونزل قريب من المحجّة الكبيرة، لعلمه بجبروت الملك زهير، وأنّه لا يستأشن منهم بشأن، وأنّه لا يأخذ على تلك المحجّة. فقال لقومه: يا قوم، من يتوجّه ويكشف لنا بالمناهل وإن كان زهير على العين،