ويأتيني بالخبر اليقين؟ فقالوا: والله يا خالد، ما لها إلاّ خال بنية. فطلبه واستوثق منه ونفّذه. فلم يزل يسير حتّى نزل بزهير والأولاد ومعهم أخته تماضر. فسلّم عليهم. فقال له زهير: ما الذي أتا بك يا مذلول؟ فقال:
والله جئت مسلّم على أختي وناصح لكم. فقال: وما نصيحتك؟ فقال: إنّ خالد بن جعفر قد جمع عليكم قبائل بني عامر وغنيّ وكلاب، وهو (٢٥٧) قادم بهم عليكم يحطّمكم في دياركم عن قريب. وأبا أن يقول: إنّهم بالقرب منكم وقد نفّدوني لكشف أخباركم، لما كان في نفسه من الملك زهير. وكان لمّا نفّده خالد قد اشترط عليه أنّه إن ظفر بهم لا يكن له غريم إلاّ الملك زهير وحده، ولا يسبي أخته ولا يتعرّض لأحد من أولادها، واستوثق منه بذلك. فلمّا قال للملك زهير هذا الكلام قال له: يا مذلول! أوتخيفني من كلام بني عامر وغنيّ وكلاب؟ وحقّ البيت الحرام، وما عليه من الأصنام العظام، لأخرّبنّ ديار بني عامر إلى آخر الأبد، ولأجعلنّها عبرة لمن اعتبر، وفكرة لمن افتكر. قم من حيث أتيت، لا أمّ لك! فنهض وهو مكسور القلب.
فلمّا عوّل على ركوب راحلته، قال قيس: يابه، بحقّ الإله العظيم، وبربّ زمزم والحطيم، قد خالفتني في الأوّل فلا تخالفني في الثاني، ودعني أفعل ما أراه. فقال: دونك وما تختار. فنهض قيس ومسك خاله وأوثقه كتاف، وقال: وحقّ الربّ القديم، ما جئت أنت إلى تكشف أحوالنا