ويهادنوهم بقيّة ذلك العام، واستوثقوا منهم بذلك، وأطلقوهم. فلمّا وصلوا إلى قومهم عرّفوهم ذلك فرحلوا عنهم وتهادنوا بقيّة ذلك العام، بعدما كادت بني عامر تقتل عن آخرها.
ثمّ كان بينهم بعد ذلك حروب ومغايرات يطول تعدادها. وآخر الأمر أن خالد توجّه إلى النّعمان وطلب الصلح مع بني عبس، فإنّ النّعمان كان ملك العرب كلّها من قبل كسرى. وكان الحارث بن ظالم المرّيّ أيضا في خدمة النّعمان، وقد عرفه ملك الحروب التي جرت بين العربان. ولمّا وصل خالد بن جعفر استجار بالأسود بن المنذر، أخي النّعمان، فقرّبه لأخيه وعرّفه أنّه يريد الصلح، فإنّ العرب كادت أن تتفانا بين القبيلتين.
فأنعم له في ذلك وأبرّ له في حواره مع الحارث بن ظالم المرّيّ. فلمّا عرف الحارث أنّ النّعمان يقصد بصلح بين بني عبس وبني عامر، لحقه الحنق، لأنّه كان من فرسان العرب المدلورة، وشجعانهم المشهورة. وكان خبيث الباطن، لا يبقي على عدوّ ولا صاحب. وكان له ببني فزارة صلة.
وكانوا بنو فزارة وبنو عبس بطن واحد حتّى وقع بينهما الحرب في سباق الخيل، وهو حرب داحس المشهور، كما يأتي ماته في موضعه، إن شاء الله تعالى. فاغتال الحارث بن ظالم لخالد بن جعفر وهو سكران نائم، وضربه بالسيف الذي كان يسمّيه ذو الحيّات، فقدّه نصفين.
ثمّ إنّه افكر أنّ النّعمان يطلبه،. . كونه قتل خالد وهو في حرمه وذمامه،