والفضّة، فأبا، وقال: والله لو سيّر ابن زهير بطلله بعته منّي بأمتعته، لكن ساومني معه، هذا لا كان أبدا. فلمّا ردّ الرسول بالخيبة، أغار عليهم الملك قيس في بني عبس، وأخذ الأموال وسبا العيال، وقتل الرجال.
وكان المهر مقيّد، فوثب عليه عبد لصاحبه وحرّكه، فعاد يجمز جمزا كجمزات الغزال. فلمّا رآه قيس حرّك عليه فلم يلحق منه الغبار، فصاح على العبد، وقال: قف يا مولّد العرب، ولك الذّمام، حتّى تسمع منّي كلام. فوقف ثمّ نزل وفكّ قيده وقال: قل يا مولاي. فقال: بعني هذا المهر بمهما شئت. فقال: أبيعك. فهو بسائر الغنيمة. (٢٦٢) فقال: وحقّ ذمّة العرب، شريته منك بما قلت. فلمّا تأكّد بينهما الحال، نزل العبد عن داحس وسلّمه رسنه، وأعاد قيس سائر الغنيمة، وعاد به إلى أهله وهو لا يكاد يصدّق بحصول الجواد. ثمّ إنّ قيس ما عاد يفارق داحس وغويه كما يغوى الرجل المرأة الحسناء.
ووصل خبره إلى بني فزارة، وكان بين قيس بن زهير ملك بني عبس وبين حذيفة بن بدر، رئيس بني فزارة، تقاولات وتنافس، حتّى ألجأ الحال بهم إلى الرّهان في سباق الخيل، وأوقعوا بينهما الرّهن على مائة ناقة، بعد مشاجرات كثيرة أضربت عنها لطولها. وكان لحذيفة بن بدر الفزاريّ حجرة يقال لها: الغبراء. وكان مطنّ بها، فحصل بينهما الرهان على سباق داحس والغبراء. واتّفق رأيهم أن يكون السباق من مائة رمية بالنّبل، والذي يقيس:
إياس بن منصور. وكان إياس بن منصور قد اختاره قيس لأنّه كان من الرّماة المشهورة الذي يضرب بها الأمثال. واتّفقوا على الضّمار أربعين يوما. هذا