الكعبة أبا حجار، وأخذت جماله الأبكار، لأنّ كلامات العرب ما قلّت، ومعانيها ما استقلّت، ولكن، يا للعرب! في الشعر دليل على أنّ فرسك تتبع فرسه، كما أنّ نفسك تتبع نفسه، فاغتاض حذيفة من كلامه، وحلف أنّه لا أطلق جواده ذلك اليوم، فإنّه يقال بمقال عنتر. ورجعوا ذلك اليوم وقد أضمر الغدر في نفسه.
فلمّا رجعوا عن السباق ذلك اليوم، صاح بهم شيبوب، أخو عنتر، وقال: يا سادات العرب، وأهل الفضل والأدب، بحرمة جدّكم معدّ بن عدنان، اسمعوا منّي هذا الكلام. فانعطفوا عليه الفرسان، ودارت به الشّجعان، وقالوا: قل ما بذلك من المقال، لعلّ مقالك يكون صلاح الحال.
فقال: يا وجوه العرب، هؤلاء قبائل واحدة وبني عمّ، وقد جرى لهم هذه الملاحجة على السّباق، وأنا، وحقّ خالق الأشباح، ومركّب فيها الأرواح، أسبق الجوادين بسرعة الرّواح، وأفرّج الطوائف على هذه الأعصاب الملاح، لكن على شرط <أن> تكون هذه (٢٦٨) المائة ناقة لي إن سبقت.
فضحكوا أمراء العربان من مقاله، وضمنوا له، وقصدوا الفرجة.
ولمّا عاد شيبوب مع أخيه عنتر، لامه على قوله، فقال: يا ابن الأمّ، لي في مصالح عدّة، الأوله: أنّي أعرف من نفسي، أنّني أسبق الجوادين، وإذا رأت العرب فعلي شهدت لي بذلك، ولا عادت تطمع في لحوقي إذا أنا سرت قدّامهم في المعامع.