للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخفيناه حتّى لا يشيع عنّا فيخرج عن أيدينا.

ومن ذلك العهد جعل له الأرصاد والعيون في بني عبس، حتّى كان عرس مالك بن زهير في بني غراب. وسار إلى بني غراب في أفراس قليلة من بني عبس، أمن من طوارق الحدثان، ونوائب الزمان. فلمّا كان في صبيحته قبل طلوع الشمس لم يشعر إلاّ بخيول بني فزارة يتقدّمهم حذيفة بن بدر. فخرج مالك من خباه في ثياب مصبّغات التي كان نائما بها مع عروسه. فلمّا دهمته الخيل لم يمهل إلى لبس عدّة حرب، فكبا به الفرس في بعض أطناب البيوت، فرماه على أمّ رأسه، وبادره حذيفة بن بدر فضربه على عاتقه، نزل (٢٧٤) السيف إلى معالقه، فخرّ صريعا. فلمّا رآه حذيفة جديلا ملقا، ألوى عنان فرسه وطلب دياره. وقام الصائح في بني غراب، وقتلت مع مالك ثلاث نفر من بني عبس ممّن كانوا أتوا معه في العرس.

وخرجت زوجة مالك بن زهير ووضعت رأسه في حجرها وقبّلت عوارضه وأنشدت (الوزن مضطرب وغير واضح):

أبكيك لا للنّعيم والأنس ... بل للمعالي والرّمح والفرس

أبكي على سيّد فجعت به ... أرملني يوم صبحة العرس

إذ خرّ ملقا فوق التّراب مجدّلا ... مضمّخ بالنّجيع منغمس