للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمور غريبة. قال: وكان هذا لائم سيّد مذكور بالسخاء والجود مع الحال المتّبع. فلمّا تذكر حاتم، مع ما تواردت عليه من أخباره، طاش عقله وقام على قدميه وأعتق (٢٨٠) حاتم وأجلسه وغيّر عليه أثوابه، وسأله عن سبب بيعه نفسه، فقصّ عليه حديثه وسببه. فعظم ذلك على لائم. ثمّ إنّه قطع ماله نصفين وشطره شطرين، وأعطى حاتم الشطر الواحد، فكان ألف ناقة وجمل، وخيل وإماء وعبيد، وقماش وأثاث بجملة كبيرة، وعاد إلى أهله.

وكانوا أهل الحيّ إذا سألوا من غنيّة أمّ حاتم عن ولدها، تقول: غدا يتكسّب. وكان لائم قد أعطى حاتم بعد ذلك مولّدتين وتخت قماش وطيب ومائة ناقة، وقال: أوصل هذا لأمّك، حقّ دلالتها عليك، لأنّها باعت بيع السّماح. فشكره حاتم على ذلك. ولمّا وصل إلى الحيّ خرجت بنو طيء إلى ملتقاه، وهم يظنوا أنّه كسب جميع ذلك.

فلمّا سمع كسرا ذلك، قال: ثمّ ماذا فعل حاتم بالمال؟ فقال: لم يصل إلى الحيّ حتّى فرّق أكثره على أهل الحيّ وفقراه وصعاليكه، وأبقى منه ما يسدّ به خلله ولإقامة رسمه لنزّاله وضيوفه. فقال كسرى: والله لا بدّ لي من امتحان هذا الرجل. وأمر بعض حجّابه أن يمضي إلى حاتم ويقول له: إنّ الملك كسرى قد احتاج إلى جمال يشيل عليها بعض أشغاله، وقد سيّرني الملك قاصدا. فامتثل الحاجب ذلك، ولم يزال حتّى قدم على