حاتم فاستنزله وأحسن ضيافته وقراه، وبلّغه الحاجب ذلك فقال: السّمع والطّاعة، والله للملك العادل بتّ الليلة على خير إلى غد. ولم يكن يملك حاتم غير ناقة واحدة يشيل عليها أمّه وأخته إذا انتقلت العرب من دار إلى دار.
فلمّا كان عند الصبح طلع حاتم على تلّ عال فصاح: يا لطيء! يا لطيء! فتبادروا إليه وجوه العشيرة وشيوخها. فقال: يا بني عمّي، الملك العادل قد نفّذ يطلب منّي ظهر يحمل عليه أشغاله، ولم يكن عند ابن عمّكم غير ناقة واحدة. فقالوا أبشر يا حاتم ببلوغ المنا! ثمّ جمعوا له عشرة آلاف جمل وسلّمها للحاجب واعتذر. وكان الحاجب لمّا وصل إلى أحياء طيء بلغته كلاب حاتم وعادوا يبصبصوا بأذنابهم ويدلّونهم على بيوت حاتم، لكثرة ترداد الأضياف.
(٢٨١) فلمّا عاد الحاجب بالجمال إلى كسرى وأخبره بما عاين وبما رأى استعظم كسرى أمره، وأمر أن توسق سائر تلك الرواحل من سائر الأصناف من خيرات العراق، ومن الثياب الديباج الملّونة، وأن توسق ناقة حاتم ذهب وفضّة ويعادوا إلى حاتم مع ثقة من جهة كسرى، ويأخذ خطّ حاتم بجميع ما وصل إليه. وأمره أن ينظر ما يفعل حاتم بتلك الأحمال المسيّرة إليه.
قال: فلمّا وصلت الجمال موسقة من تلك الأنعام صاح حاتم على أربابها، ففرقها بما عليها. كلّ من عرف جماله أعطاه <أيّاها> بما عليها، ولم يعلم ما هو. ولن يأخذ غير ناقته. فلمّا وصل بها إلى أبياته أتته