للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفقراء والصعاليك من الحيّ، وقالوا: يا حاتم، نحن لم يكن لنا جمال ولا نوق نعيرك حتّى تردّها إلينا بأحمالها. فقال: على رسلكم. وفتح الغرائر التي كانت على ناقته وعاد يعطي من ذلك الذهب والفضّة حتّى فرّقها، ونفض الأعدال فوقع من أحدهما درهم واحد، فأخذه بيده وحلقه إلى خادمه طريفة، وقال: خذي، هذا سهمك. فقالت: يا مولاي، نحن لا تألفنا دراهم ولا ذهب، ولا تصاحبنا من دون العرب. فأنشأ عند ذلك يقول (من البسيط):

قالت طريفة: ما تبقا دراهمنا ... ولا لها عندنا عهد به نثق

تفرّ من عندنا والله يرزقنا ... ممّن سوانا ولسنا نحن نرتفق

ما يألف الدّرهم الطّاغي لصحبتنا ... إلاّ يمرّ علينا ثمّ ينطلق

إنّا إذا اجتمعت يوما دراهمنا ... ظلّت إلى طرق المعروف تستبق

قال أبو عبيدة: وكان حاتم بعد سير الرسول من عنده افتكر فعل كسرى، فقصد التوجّه للنّعمان ليعلم موجب ذلك. فتأهّب وسار طالب النّعمان بأرض الحيرة، فنزل على عرب يقال لهم: بني فهم. وكان فيهم امرأة برزة يقال لها: ماويّة ابنة الضّحّاك، ذات حسن وجمال وثروة ومال، قد خطبها (٢٨٢) سادات العرب، أهل المعالي والرّتب، وهي قد آلت على نفسها لا تزوّجت إلاّ من تختبره وتعلم صحّة حسبه وكرمه. وكانت لها