فقطع لها كارع الجمل. وهذه الأشياء لا تعمل فيها النار ولا تنضجها.
فحملت الجميع وأتت إلى عند حاتم، فرأته وقد أكثر من إضرام النار، ونصب القدر لإصلاح الطعام. فلمّا رأته تعجبت من علوّ همّته، وسألته، فقال: على المعل يا سيّدة حتّى ينضج ما سوّيناه، ولعلّكي تعرفين من صعاليك الحيّ من تحضرينه للعشاء. فقالت: وراي أطفال لا يصبرون حتّى ينضج طعامك، بل أوصل لهم ممّا تنعم وأعود إليك بمن (٢٨٣) وجدته من صعاليك الحلّة. فأعطاها الملجا والحدش والعجز وحشى النحارك وقطعة كبيرة من السنام، وهذا ألذّ ما في الجزور، وقال لها: يا سيّدة، تردّدي إلينا ما دمنا هاهنا. فدعت له ماوية، وعادت وقد سلبها بطيّب كلامه. فلمّا وصلت إلى مضاربها سلّمت الجميع لجارتها، وقالت:
احتفظي به إلا نهار الغد.
ثمّ أمهلت ماويّة ساعة وقدحت همّتها أن أخرجت شيء من الطّيب وقسمته على عددهم، وقالت للخادم: اذهبي بهذا الطّيب لكلّ واحد ولا يعلم به رفيقه، وقولي له: يا مولاي، مولاتي تقول لك: تطيّب بهذا الطّيب، ولا تعلم أصحابك، فإنّها تنغّصت لك به دونهم لأجل مكانتك من قلبها. ففعلت ما أمرتها به، ودارت على القوم، فكان كلّ أحد يخفي ما وصل إليه إلاّ حاتم. فإنّه لمّا أتته بالطيب، وقالت له مثل ذلك، قال: هذا