له، فربّما أتى الإنسان إلى أهله وقد أثرى بعد الفقر. فلذلك سمّي: عروة الصعاليك.
روى ابن الأعرابيّ أنّ عروة ضاقت حاله في بعض السنين ولم يجد ما يموّن به أصحابه الضعفاء، فقال (من الطويل):
لعلّ ارتيادي في البلاد وبغيتي ... وشدّي حيازيم المطيّة بالرّحل
سيدفعني يوما إلى ربّ هجمة ... يدافع عنها بالحقوق وبالبخل
وقيل: إنّ الله سبحانه وتعالى قيّض له ناقتين دهماوتين وهو مع قوم من الضعفاء، وفي شتاء شديد، وقد غلب عن قوتهم وحملهم، فنحر لهم إحداهما وحمل متاعهم على الأخرى، وجعل ينتقل بهم من مكان إلى مكان، وكان بين النّقرة والرندة، فنزل بهم ماء بينهما يقال له: ملوان. ثمّ إنّ الله تعالى قيّض له رجلا صاحب مائة من الإبل قد فرّ بها من حقوقها، وذلك أوّل ما ألبن الناس. فقتله وأخذ إبله وامرأته، وكانت من أحسن النساء وأجملهنّ. فأتى بالإبل أصحاب الكنيف، فحلبها لهم وحملهم عليها، حتّى إذا دنوا من عشائرهم أقبل يقسم الإبل. ثمّ أخذ مثل نصيب أحدهم، فقالوا: لا، والله لا نرضى حتّى تجعل المرأة نصيبا أيضا، فمن وقعت بسهمه أخذها. فعظم عليه، وجعل يهمّ أن يحمل عليهم فيقتلهم