للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديثه يا أمير المؤمنين؟ فقد كان له من الحديث كثير! قال: حديثه مع الهذليّ الذي استلّ فرسه. قال: ما يحضرني ذلك يا أمير المؤمنين. فقال المنصور: نعم، خرج عروة بن الورد حتّى دنا من منازل هذيل، وكان منها على ميلين، وقد جاع. وإذا هو بأرنب، فرماها فأصماها، ثمّ أورى نارا فشواها وأكلها ودفن النار على مقدار نصف عوده، وقد ذهب أكثر الليل وغارت النجوم، ثمّ أتى سرحة فصعدها وتخوف الطّلب. فلمّا تغيّب فيها إذا الخيل قد جاءت وفيهم رجل على فرس، فجاء حتّى ركز عوده في موضع النار، وقال: لقد رأيت النار ها هنا. فنزل رجل منهم فحفر قدر ذراع فلم يجد شيئا. فركب القوم ومروا على الرجل يلومونه (٢٩٨) ويعنّفونه ويعيبون أمره ويقولون: عنّيتنا في مثل هذه اللّيلة القرّة وزعمت لنا شيئا كذبت فيه. فقال: ما كذبت، ولقد رأيت النار موضع ركزت رمحي.

فقالوا: ما رأيت شيئا، ولكنّ تحذلقك وتداهيك، وهو الذي يحملك على هذا. ولم يزالوا به حتّى رجع عن قوله، وعادوا، وتبعهم عروة وسبقهم إلى الأحياء، فكمن في كسر بيت، وجاء الرجل ذاك بعينه وقد كان قبل عوده قد خالفه إلى زوجته عبد أسود، فأتاها العبد بعلبة فيها لبن، فقال:

اشربي. فقالت: لا، أو تبدأ أنت. فبدأ الأسود، فشرب. فلمّا جاء الرجل قالت له: لعن الله حدسك وصلفك! عنّيت القوم في هذه الليلة على غير